ما الذي يدفع التونسيين إلى تدريس أبنائهم في المؤسسات التعليمية الخاصة و هل تشهد البلاد توجها إستراتيجيا نحو خوصصة التعليم الذي ظلت ترعاه الدولة لسنوات ؟!
صرح عضو الهيئة المديرة للمنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية و الإجتماعية "منير حسين" أن عدد المقبلين على التعليم الإبتدائي الخاص في تونس قد إرتفع هذه السنة بنسبة 500% مشتملا على جميع الفئات الإجتماعية، ما يعني أن خيار المدارس الإبتدائية الخاصة و حتى الجامعات الخاصة لم يعد حكرا على الأسر الميسورة التي تسعى لتأمين تعليم جيد و مواكب لأبنائها و إنما ضرورة دفعت أيضا الأسر الأقل دخلا إلى "هجر" المؤسسات التعليمية العمومية التي ظلت لعقود تحت رعاية الدولة و البحث عن بديل قد يجدونه في المؤسسات الخاصة
إلى جانب ذلك، أكد "حسين" في الندوة الصحفية التي قدم فيها المنتدى نتائج "دراسته المتعلقة بأزمة المنظومة الوطنية للتعليم و التكوين" أن المدارس العليا الخاصة قد تفوقت على الجامعات العمومية في عدد الطلبة الذين تستقطبهم، مشيرا إلى أن التوجه نحو خوصصة التعليم بدأت من فتح المجال لخوصصة دور الحضانة و التعليم ما قبل المدرسي الذي يستقبل أكثر من 90% من الأطفال
و وفقا للدراسة، فإن المنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية و الإجتماعية يرى أن المنظومة التعليمية الوطنية (العمومية) قد أظهرت فشلا ذريعا على المستوى الكمي و المستوى النوعي كذلك و هو ما أدى إلى إرتفاع إقبال التونسيين على التعليم الخاص
ما هي الأسباب وراء الإقبال المتنامي للتونسيين على المؤسسات التعليمية الخاصة ؟
لا شك أن الأنظمة التعليمية تختلف من دولة إلى أخرى خاصة بالمقارنة بين الدول المتقدمة و الدول النامية، لكن و بالنظر إلى الدول العربية نجد أن تونس من أوائل الدول التي فرض إجبارية التعليم (الأساسي) و مجانيته مما ساهم في بناء أجيال ترتفع فيها نسبة التمدرس و نسبة الحاصلين على شهائد عليا بالإضافة إلى نسب مرتفعة ممن زاولوا تعليمهم الجامعي الذي ظل لسنوات مجانيا و مدعوما من الدولة، لكن ذلك قد أفضى إلى إثقال كاهل الخزينة العامة من التكلفة التي تنفقها الدولة على مختلف مراحل التعليم ما أجبر صناع السياسة في البلاد (و خاصة بعد تعثر التنمية ما بعد الثورة) إلى محاولة إعادة النظر في جدوى الدعم الحكومي للتعليم في تونس
و في هذا السياق يقول عضو الهيئة المديرة للمنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية و الإجتماعية "منير حسين" في تصريحه "أن الدولة قد توجهت من خلال سياساتها إلى التخلص من عبئ منظومة التعليم العمومي على ميزانية الدولة و رمي هذا العبئ على كاهل العائلة" لافتا إلى أن "السياسة المتوخاة من الدولة منذ سنة 2002 أدت إلى إرتفاع نسبة الإنقطاع المدرسي و ضعف تشغيلية خريجي مؤسسات التعليم العمومي و بالتالي نفور الأولياء من ترسيم أبنائهم في مؤسساتالتعليم العمومي و توجههم نحو المدارس الخاصة"
أيضا، نجد الظروف الإستثنائية التي شهدتها المؤسسات التربوية العمومية في تونس من قبيل التفاوض بين نقابة الأساتذة و المعلمين و وزارة التربية و التعليم و ما نتج عنه من إضرابات و غير ذلك سببا في إقناع الأولياء بأن المؤسسات التعليمية الخاصة (و التي لا نجد فيها عادة مثل هذه الإضرابات) أفضل لمستقبل أبنائهم التعليمي و تحصيلهم المعرفي خاصة و أن السنوات الأخيرة قد طالها فرض ثلاثيات (أو سداسيات) بيضاء مما يجعل التحصيل العلمي الذي يجب على كل تلميذ إكتسابه في كل سنة دراسية معينة ناقصا و غير مكتمل بما يجعله في السنة الدراسية التي تليها دون المطلوب من حيث المستوى التعليمي
هذا من ناحية، من ناحية أخرى نجد أن المؤسسات التعليمية الخاصة ، و خاصة الجامعية منها توفر لطلابها و خريجيها آفاقا تشغيلية أفضل حيث تعقد الجامعات الخاصة إتفاقيات مع شركات توفر بموجبها هذه الأخيرة وظائف لخرجي تلك الجامعات (و التي يشترك في تمويلها أصحاب الشركات من المستثمرين و رجال الأعمال) ما يجعل أزمة البطالة التي تواجه خريجي الجامعات العمومية أكثر حدة و أكثر تضييقا على المؤسسات الجامعية العمومية لصالح المؤسسات الخاصة
ما هي مآلات الإقبال المتنامي للتونسيين على المؤسسات التعليمية الخاصة ؟
لا شك أن نسبا بهذا الحجم لإرتفاع أعداد المقبلين على المؤسسات التعليمية الخاصة من التونسيين سيدفع بشكل أكبر إلى تطبيق الإستراتيجية الحكومية (التي تبدو جلية و واضحة) الرامية إلى خوصصة التعليم و "إعفاء" الدولة من مسؤولية دعم التعليم التي تثقل كاهل الميزانية العامة خاصة في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد
من ناحيتها، سترتفع أعداد المؤسسات التعليمية الخاصة في تونس بمختلف مستوياتها بما في ذلك المدارس الإبتدائية و دور الحضانة و التعليم ما قبل المدرسي و المعاهد الثانوية و الجامعات الخاصة في تونس مشفوعا بتسهيل الدولة لإنشاء مثل تلك المؤسسات الخاصة و تنامي الثقة الشعبية فيها كبديل للمؤسسات التعليمية العمومية
أما على المدى المتوسط (أو ربما البعيد) ، فيمكن أن نرى تشريعات أو قوانين تؤصل لرفع الدعم بشكل كلي عن التعليم في تونس ماعدا التعليم الأساسي الذي يرجح أن تحتفظ الدولة بدعمها له مع وجود و توفر مسالك للتعليم الأساسي الخاص بيد أن التعليم الجامعي و الذي يثقل كاهل الدولة بشكل أكبر و يخلق وفرة في حاملي الشهائد العليا (المطالبين بشكل متواصل و متزايد بالتشغيل) فسيكون وفق هذه الرؤية التي يؤيدها أغلب المراقبين في البلاد على حساب المواطن بحيث يتطلب إرتياد الجامعات منحة جامعية كما في أغلب الدول في العالم أو تمويلا خاصا .
وسم : علوم ، ثقافة
إقرأ أيضا :
من هو البروفيسور و عالم الرياضيات التونسي نادر المصمودي ؟
عالم الرياضيات التونسي نادر المصمودي عضوا للأكاديمية الأمريكية للفنون و العلوم
عالمة رياضيات نمساوية تفوز بالذهبية في أولمبياد طوكيو 2021 !
علماء فيزياء من معهد العلوم و التكنولوجيا بالنمسا ينجزون نموذجا لرادار كمومي
منصة عربي Arabie تتيح تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها عبر الإنترنت
تعرف على منصة أقرأ بالعربية الشاملة لتعليم لغة الضاد للأطفال
تعرف على منصة أبواب Abwaab الأردنية للتعليم عن بعد
ماذا تعرف عن جمعية منسا Mensa الدولية لفائقي الذكاء و التي تضم أذكى 2% من سكان الأرض ؟
جامعة تونس المنار الأولى مغاربيا ضمن تصنيف شانغهاي Shanghai Ranking لعام 2021
تصنيف شنغهاي Shanghai Ranking للعام 2021 يضم 6 جامعات سعودية ، تعرف عليها !
ضمن مبادرة نستثمر في مجتمعنا .. جامعة أبو ظبي تدرب 1800 شخصا على البرمجة !
جامعة خليفة بالإمارات تحرز جائزتين في مسابقة للذكاء الإصطناعي AI
جوجل ينظم أول هاكاثون للذكاء الإصطناعي و التعلم الآلي في تونس
أفضل 10 تطبيقات إلكترونية تونسية يجب تحميلها في 2021
لمذا تغيب روح المبادرة و الإستثمار عند الشباب العربي ؟
المجلات العلمية العالمية المتوفرة باللغة العربية
المجلات العلمية العالمية المتوفرة بنسخة عربية
مجلات علمية عالمية مترجمة
مستقبل المعرفة©
Tags:
ثقافة