كيف يتم حذف الأصفار من العملات المحلية و ما الهدف من ذلك ؟
إليك المعنى المبسط لحذف أصفار العملة و أهم الدول التي أقدمت على تلك الخطوة
تعتبر العملة المحلية أهم ركائز الإقتصاد في الدولة و رمز وجودها المالي و الإقتصادي و مقياس قوتها أو ضعفها بين الدول ماديا و نقديا، و لأن إقتصاديات الدول تختلف حول العالم و تتباين من خلالها قيمة العملة المحلية فإن الدول التي تعاني عملتها من ضعف القيمة مقابل العملات العالمية (مثل الدولار الأمريكي و الأورو) تسعى إلى سياسة حذف الأصفار من العملة للخروج من الأزمات الإقتصادية ، فيما يلي سنشرح المعنى من سياسة حذف الأصفار من العملات المحلية و أهم الدول التي طبقتها
ماذا يعني حذف أصفار من العملة ؟
نعني بحذف الأصفار من العملة إلغاءها و إستبدالها بعملة جديدة بحيث تكون قيمتها أقل من قيمة العملة القديمة (الملغاة) بقدر ما تم حذفه من الأصفار، و كمثال على ذلك نجد أن فينزويلا مثلا قامت بحذف 6 أصفار من عملتها البوليفار Bolivar بالتالي فإن كل 1 مليون من العملة القديمة سيتحول إلى فئة واحدة فقط من العملة الجديدة (أو بشكل أوضح : 1.000.000 بوليفار قديم = 1 بوليفار جديد)
من الجدير بالذكر أنه و بحسب دراسة أمريكية صادرة عن "جامعة ولاية كارولينا الشمالية" University of North Carolina at Chapel Hill فإنه قد تم حدوث 70 حالة لحذف أصفار من العملات المحلية منذ العام 1960 حيث تخلصت 19 دولة من أصفار في عملاتها لمرة واحدة فقط في تاريخها في حين قامت 10 دول بهذه الخطوة (حذف أصفار من العملة) لمرتين إثنتين
ما هي أسباب حذف الدول لأصفار من عملاتها ؟
توجد الكثير من الأسباب التي تدفع الدول إلى إصدار عملات جديدة مع حذف أصفار من عملاتها الرسمية (المحلية) لكننا سنختصرها في الأسباب التالية :
● الحصول على الإئتمان الدولي
● إستعادة الثقة في العملة الرسمية ما يدفع إلى إرتفاع قيمتها
● السيطرة على سوق العملات حيث التضخم يدفع غالبا إلى تعويم العملة
● تقليل الضغوط التضخمية حيث يتم حذف الأصفار من العملة غالبا بعد حالة من التضخم الشديد التي تجعل العملة هشة جدا مقابل العملات العالمية
● مواجهة إستبدال العملة المحلية بالعملات الأجنبية حيث أن ضعف العملة المحلية و إرتفاع التضم سيدفع المواطنين إلى التعامل بعملات أجنبية (لا تفقد قيمتها بشكل مروع)
ما هي الدول التي أقدمت على حذف أصفار من عملاتها ؟
أحدث مثال عن حذف الدول لأصفار من عملاتها هو المثال الفينزويلي، حيث أعلنت فينزويلا عن حذف 6 أصفار من عملتها البوليفار مؤخرا عن برنامج مالي يتضمن حذف ستة (6) أصفار من عملتها الرسمية البوليفار Bolivar و إطلاق أوراق نقدية جديدة للفئات من 5 إلى 100 بوليفار بهدف مواجهة التضخم و تسهيل المعاملات المالية إلى جانب إطلاق نسخة رقمية للبوليفار تحت إسم "بوليفار ديجيتال" Digital Bolivar
بالإضافة إلى فينزويلا التي لم تكن هذه الخطوة في حذف أصفار من العملة الأولى لها حيث سبق و أن حذفت 5 أصفار من قيمة عملتها في العام 2018 جراء أزمة التضخم الطاحنة التي ضربت البلاد لتطلق في 2019 ثلاث فئات جديدة هي 10 آلاف و 20 ألف و 50 ألف بوليفار بعد تطبيق الإجراء، نجد أيضا إيران و الأرجنتين و البرازيل و حتى تركيا
البرازيل هي الأخرى قامت بإزالة 3 أصفار من عملتها بعد معاناة من التضخم الذي بلغ مستوى رهيبا بنسبة 2000% سنة 1993 رغم أن ذلك لم يؤت نتائج إيجابية ذلك العام، لتتخلص البرازيل منذ العام 1930 و حتى بداية القرن الحالي من 18 صفرا من عملاتها ضمن 6 مرات و تعيد تسمية عملتها الرسمية 8 مرات !
من بين الدول الأوروبية (قبل توحيد العملة لليورو) كانت ألمانيا من أوائل من قام بحذف أصفار من عملته الرسمية عقب الحرب العالمية الأولى تحت وطئ الضغوطات الإقتصادية التي شهدتها البلاد و أودت بها إلى تضخم مجحف لا يقارن بالوضع في هولاندا التي شهدت تضخما هائلا سنة 1960 لكن سياسة إزالة الأصفار حذفت هولندا 4 أصفار من عملتها) و إصدار فئات مالية ورقية بأرقام كبيرة كانت ناجحة مع الإصلاحات الشاملة التي طبقتها الحكومة لمواجهة التضخم
ليس بعيدا من هؤلاء كانت "يوغسلافيا" (التي تحولت لاحقا إلى صربيا) من بين من حذف الأصفار من عملته الرسمية حيث أزالت أصفارا من عملتها لخمس (5) مرات متتالية بينما لجأت الأرجنتين لذلك أربع (4) مرات و بوليفيا لمرتين إثنتين (2) في حين حذفت كل من أوكرانيا و روسيا و بولندا أصفارا من عملاتها 3 مرات و مرة واحدة بالنسبة لكوريا و غانا و تركيا (ما بين 2004 و 2005) التي جاهدت لمكافحة التضخم بشهادة صندوق النقد الدولي حيث بلغ الدولار حوالي 5.1 مليون ليرة سنة 2003 و تتحول بذلك الورقة النقدية ذات القيمة الأكبر من فئة 5000 ليرة تركية إلى مليون ليرة بعد أن كان الدولار الأمريكي يعادل 1422ليرة تركية في العام 1988
و شهدت زيمبابوي أيضا أزمة تضخم حادة سنة 2003 مما إضطرها إلى إزالة 3 أصفار من عملتها و هو ما لم يؤت أكله في ظل عدم التحرك الحكومي الفعلي للنهوض بالإقتصاد ما دفعها بعد نحو 6 أعوام إلى تخفيض 12 صفرا من قيمة عملتها ليعادل 1 تريليون من الدولار الزمبابوي القديم 1 دولار زيمبابويي جديد فقط !
لكن و مع تفاقم الأزمة لجأت حكومة زيمبابوي إلى إلغاء عملتها الرسمية سنة 2008 و إتاحة إستخدام العملات الأجنبية لتعود إلى إستخدام الدولار الزيمبابوي كعملة سمية العام 2019 .
Tags:
اقتصاد