للمرة الأولى في التاريخ !
علماء فلك يرصدون ضوء منبعثا خلف ثقب أسود في المجرة الحلزونية زويكي 1 Zwicky-1 ما يثبت مجددا نظرية آينشتاين
توصل علماء فلك مؤخرا إلى رصد ضوء منبعث خلف ثقب أسود في ظاهرة فلكية هي الأولى من نوعها في التاريخ حيث أن المعلوم عن الثقوب السوداء أنها تمتص الضوء الذي يعتبر أسرع ما في الطبيعة ناهيك عن أي شيء آخر قد يصلها بسبب جاذبيتها الهائلة ما يعني أن العبقري الفذ "ألبرت آينشتاين" Albert Einstein كان على حق كما في كل مرة !
فمن الناحية العلمية يعتبر هذا الإكتشاف أمرا عظيما كونه يفتح آفاقا واسعة في مجال الأبحاث المتعلقة بالثقوب السوداء التي يجري العلماء حولها أبحاثا مكثفة لكنها لا تزال بدورها تمثل لغزا محيرا من ألغاز هذا الكون، حيث كان فريق من العلماء بجامعة ستانفورد الأمريكية بصدد دراسة الأشعة السينية المنبعثة من ثقب أسود هائل يقع في مركز المجرة الحلزونية "زويكي 1" (Zwicky 1) على بعد 800 مليون سنة ضوئية مستخدمين التليسكوبان الفضائيان "نيوستار" NuSTAR التابع لوكالة ناسا NASA و "إكس إم إم نيوتن" XMM-Newton التابع لوكالة الفضاء الأوروبية ليكتشفوا خلال هذه الأبحاث أحدث ظاهرة فلكية غير متوقعة تتمثل في إكتشاف "أصداء الضوء" إلى جانب ومضات الأشعة السينية (التي يعملون على رصدها أصلا) من مصدر لم يتم تحديده أول الأمر ليقوموا بنشر نتائج أعمالهم التي توصلوا إليها منذ 28 يوليو/تموز الماضي بالمجلة العلمية الشهيرة "نيتشر" Nature
من جهته فقد صرح عالم الفيزياء الفلكية في جامعة ستانفورد Stanford University "دان ويلكنز" الذي نجح فريقه في الوصول إلى هذا الإكتشاف بقوله : "أي ضوء يدخل هذا الثقب الأسود لا يخرج منه، لذلك لا ينبغي أن نستطيع رؤية أي شيء خلفه، ... تمكننا من رؤية الضوء يرجع إلى إنحنائه و تعديل الحقول المغناطيسية حوله بحيث إستطعنا رصده خلف الثقب الأسود"
هنا نجد أن هذا الإكتشاف يرتبط بشكل مباشر بالنظرية النسبية العامة التي وضعها "ألبرت آينشتاين" قبل أكثر من مائة 100 عام (تحديدا في العام 1915م) و لم يتم إثباتها بشكل فعلي حتى الآن، حيث أن الإنفجارات الضوئية التي تم رصدها (خلف الثقب الأسود) كانت صغيرة و كانت ألوانها مختلفة عن تلك التي شاهدها الباحثون قادمة من أمام الثقب الأسود و التي إبتلعها هذا الأخير بفضل جاذبيته الكبيرة، لكن سرعان ما أدرك الباحثون أن تلك "الأصداء الضوئية" كانت تأتي من خلف الثقب الأسود الهائل و هو ما يعني بدوره تطبيقا عمليا لما يسمى "إلتواء الزمكان" في نظرية النسبية العامة و الذي يتيح للضوء الإنتقال حول الثقب الأسود
و تصف النظرية النسبية العامة لآينشتاين كيف يمكن للأجسام الكونية الضخمة أن تلوي النسيج الكوني المعروف علميا بإسم "الزمكان" Spacetime ، حيث إفترض الفيزيائي العبقري "ألبرت آينشتاين" أن الجاذبية لا تنتج عن قوة غير مرئية لكنها و بكل بساطة تمثل إنحناء و إلتواء نسيج الزمكان في ظل وجود المادة و الطاقة (جاذبية الأرض مثلا ناتجة عن تشويه جسم الأرض لنسيج الزمكان في الكون)
و رغم أن الأبحاث التي كان علماء الفلك بصدد القيام بها لم تكن مخصصة أساسا لإثبات نظرية النسبية العامة لآينشتاين إلا أنها أثبتتها في جزء منها عن طريق الصدفة، حيث كان الباحثون يسعون لإستخدام التليسكوبين الفضائيين للنظر في الضوء المنبعث من سحابة الجزيئات فائقة الحرارة (أو الإكليل) التي تتشكل خارج "نقطة اللاعودة" للثقب الأسود أو ما يعرف أيضا بإسم "أفق الحدث" ذلك أن السحابة فائقة الحرارة تلتف حول الثقب الأسود و ترتفع حرارتها لمستويات قد تصل إلى ملايين الدرجات المائوية أثناء سقوطها فيه (الثقب الأسود) و هو ما يحولها إلى "بلازما" ممغنطة نتيجة تفكك الإلكترونات عن الذرات بفعل الحرارة المرتفعة جدا
من جهته، يتسبب الثقب الأسود من خلال دورانه (حول نفسه) في جعل المجال المغناطيسي المشترك للبلازما الإكليلية (الناتجة عن تفكك الإلكترونات عن الذرات) يأخذ شكل قوس عال فوق الثقب الأسود و الذي ينفجر في نهاية المطاف مطلقا بذلك أشعة سينية ، و في هذا السياق يقول عالم الفيزياء الفلكية "دان ويلكينز" : "هذا المجال المغناطيسي الذي يتم تقييده ثم إنفجاره بالقرب من الثقب الأسود يسخن كل شيء حوله و ينتج هذه الإلكترونات عالية الطاقة و التي تنتج بعد ذلك الأشعة السينية"
يذكر أن الأبحاث العلمية في مجال الثقوب السوداء لا تزال نظرية إلى حد بعيد و لا يزال العلماء يجهلون الكثير من المعلومات الملموسة عنها حيث لم يتم الوصول إلى أول صورة تم نشرها لثقب أسود (Black Hole) إلا قبل عامين فقط !
لكن و رغم ذلك، فإن المعلومات التي وصلت إليها البشرية حول هذه الألغاز الكونية أخذت في الإتساع شيئا فشيئا فليست هذه المرة الأولى التي يرصد فيها علماء الفلك ثقبا أسودا يشتت الضوء (أو ما يعرف بالمفعول العدسي التثاقلي) رغم كونها الأولى التي يرقبون من خلالها أصداء ضوئية خلف ثقب أسود .