علماء فيزياء من معهد العلوم و التكنولوجيا بالنمسا ينجزون نموذجا لرادار كمومي

نموذج أولي لرادار يعمل بالتشابك الكمي للكشف عن الأشياء يرى النور على أيدي فيزيائيين في معهد IST بالنمسا، تعرف عليه 



رادار كمومي من إبتكار فيزيائيين بمعهد العلوم و التكنولوجيا - النمسا
رادار كمومي من إبتكار فيزيائيين بمعهد العلوم و التكنولوجيا - النمسا


إبتكر علماء فيزياء من معهد العلوم و التكنولوجيا IST بالنمسا مؤخرا نموذجا أوليّا لرادار يعمل من خلال مبدأ التشتبك الكمي للكشف عن الأشياء، فيما تعتبر خطوة مهمة في إطار الإستفادة من التكنولوجيا الكمومية في مختلف المجالات و الإستخدامات مثل الصناعات الطبية الحيوية و المجال الأمني
يقوم هذا البحث الذي نشر في مجلة Science Advances على مبدأ مهم و أساسي في ميكانيكا الكم و هو مبدأ التشابك الكمي !


لكن ماذا نعني بالتشابك الكمي Quantum Entanglement ؟

هو ظاهرة فيزيائية في مجال الفيزياء الكمية تحدث بتولد زوج أو مجموعة من الجسيمات فتتفاعل أو تتمازج تلك الجزيئات (الجسيمات) القريبة مكانيّا بحيث لا يمكننا وصف الحالة الكمية معين  بشكل مستقل عن الجسيمات الأخرى التي يكون معها تشابكا كميّا

تعتبر الخصائص الفيزيائية للجسيمات مثل الموقع و الزخم و اللف المغزلي و الإستقطاب أهم ما يميزها، لذلك فإن ما تتميز به الجسيمات التي تخضع لتشابك كمي هو إرتباطها المثالي حيث أن قياس الحالة الكمية لجسيم متشابك كميا مع جسيم آخر سيكون مرتبطا بالجسيم الآخر الخاضع لنفس ذلك التشابك 


كيف يعمل الرادار الكمومي المبتكر ؟

نجح فريق العلماء الفيزيائيين و الذي يضم مشاركين من معهد العلوم و التكنولوجيا بالنمسا (IST) و معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) و جامعة يورك بالمملكة المتحدة (University of York) و جامعة كاميرينو الإيطالية (University of Camerino) في إيجاد نوع جديد من تكنولوجيا الكشف تسمى الإضاءة الكمية بالميكروويف (Microwave Quantum Illumination) و هي تقنية تستخدم فوتونات الميكروويف المتشابكة كطريقة للكشف

فبدلا من إستخدام الموجات الدقيقة في الرادارات التقليدية للكشف عن الأشياء يقوم الأمر في هذا الرادار الكمومي على إرسال فوتونات تسمى فوتونات الإشارة نحو الهدف المستهدف في حين يتم قياس فوتونات التباطؤ في بيئة عازلة نسبيا و خالية من التداخل و الضوضاء (حيث أن تلك الظروف لقياس خاصية الجُسيم تمارس تحولا غير قابل للعكس على هذا الجسيم و تؤدي إلى تغير حالته الكمومية الأصلية) و عندما تنعكس فوتونات الإشارة مرة أخرى يتم فقدان التشابك الكمي الحقيقي بين فوتونات الإشارة و الفوتونات المهملة (الناتجة عن التشابك الكمي) التي تم قياسها، لكن و رغم ذلك يبقى مقدار صغير من الإرتباط يمكنه خلق أثر (توقيع) أو نمط يصف وجود الكائن المستهدف أو غيابه و ذلك بغض النظر عن "الضوضاء" (أو ظروف التداخل) في بيئة القياس

و يمكن لهذا النموذح الأولي من الرادار الكمومي الكشف عن الأجسام في البيئات الحرارية الصاخبة حيث تفشل عادة الرادارات التقليدية، و بذلك يصبح إستخدام هذه التقنية طموحا في مجالات و نطبيقات هامة كالتصوير الطبي الحيوي و الماسحات الضوئية الأمنية ذات الطاقة المنخفضة جدا 


هل يمكن للرادار الكمومي أن يتفوق على الرادار التقليدي ؟

لا شك أن للرادار الكمومي و الذي علمنا كما سبق أنه يعمل بإستخدام التشابك الكمي نقائص مرتبطة أساسا بهذا المبدأ حيث أن التشابك الكمي هش بطبيعته و قياس الحالة الكمومية للجسيم تؤثر ببساطة عليها 

لكن بالحديث عن الحالات التي تكون فيها مستويات الطاقة منخفضة، فإن أنظمة الرادار التقليدية الكلاسيكية تعاني عادةً من ضعف الحساسيّة حيث تواجه صعوبة في تمييز الإشعاع المنعكس بواسطة الجسم بسبب ضوضاء إشعاع الخلفية و التي تحدث بشكل طبيعي ما يجعل أداءها في هذه الحالات ضعيفا

في المقابل، توفر الإضاءة الكمومية حلاً لهذه المشكلة حيث أن أوجه التشابه بين الإشارة و الفوتونات المهملة (أي تلك الناتجة عن التشابك الكمي) تجعل تمييز فوتونات الإشارة (المستلمة من الجسم المعني) أكثر فاعلية في ظروف و بيئات مستويات الطاقة المنخفضة و التي تتميز بالضوضاء المتولدة داخل البيئة الخاصة بالقياس


بشكل عام، تعتبر النقلة النوعية من النظرية إلى التطبيق أمرا في غاية الأهمية، فلطالما كان العلم المحرك الأساسي للتطور و الإبتكار عبر العصور، و رغم أن هذه الخطوة التي إنتهت ببناء رادار كمومي يعمل بإستخدام التشابك الكمي للقياس لا تزال تستوجب الكثير من الأبحاث و العمل و التعاون بين علماء الفيزياء النظرية و الفيزياء التجريبية ليس في هذا المجال فقط بل في أغلب المجالات و التطبيقات العلمية .








وسم : علوم 


إقرأ أيضا : 






أحدث أقدم