دول عربية بجامعاتها و مراكز بحثها لم تشارك من بينها و لا دولة واحدة في البحث حول لقاح كورونا !
فيما تكمن أسباب هذا الفشل يا ترى ؟
لا تغيب عن أحد محاولات الدول في جميع أنحاء العالم من خلال مراكز أبحاثها و معاهدها و جامعاتها و بحثها الحثيث بهدف الفوز بسبق الحصول على لقاح لفايروس كورونا Coronavirus الذي أرهق العالم و قلب عاليه سافله !
و رغم أن الهدف من كل تلك الجهود يبقى في النهاية هدفا إنسانيا و طبيّا لإنقاذ الأرواح و حفظ البشرية لكنه في مضامينه صراع خفيّ على التجارة و البروز
لكن السؤال الذي ينبغي أن نسأله كمجتمع عربي هو ما محل مراكز البحث و الجامعات و المعاهد العربية من الإعراب ؟
و لماذا غابت بطمّها و طميمها عن سباق عالمي ضم الجميع ؟
جهود عالمية لإيجاد لقاح ضد كورونا
تسارع أغلب الدول في العالم عبر مراكز البحث و المعاهد العلمية خاصتها إلى إيجاد لقاح ضد فايروس كورونا Coronavirus الذي إجتاح العالم و جعل مدنه العامرة خرائب، فإن لم تستطع بعضها إيجاده فتحاول على الأقل المساعدة في ذلك، أو العمل على فك الشيفرة الجينية للفايروس الأمر الذي يساعد و يسرّع الوصول إلى لقاح ضده
لكن و في المقابل نجد غيابا تاما لأي مركز بحث أو معهد علمي عربي عن هذا السباق ما يجعل الإنفاق على البحث العلمي و الإهتمام به وهما و فشلا إنكشف عند الشدائد
فيما يلي أهم الأسباب التي تم رصدها و التي ساهمت في غياب الحضور العربي على ساحة البحث العلمي :
لذلك نجد الإهتمام السياسي للدول العربية الكبرى مركزا مثلا على التسليح و على فرض أجندات سياسية مهما كان توجهها و مهما كانت مرجعيتها و إهتماما بالجانب الكمالي و بالمجالات غير الصلبة مثل السياحة و الأنشطة المالية و البنكية و غيرها
فإذا وجد الباحث أو الدكتور أو الاستاذ الجامعي (البروفيسور) عدم إهتمام بل إهمالا حكوميا في بعض الحالات للمراكز و المعاهد البحثية مما يجعله غير قادر حتى على الحصول على دخل أو راتب شهري محترم فكيف يمكن ان يقدم جهدا أو بحثا ذا قيمة ؟
بل إن من الباحثين من قدم أبحاثا و دراسات في بلاده (العربية) حيث لاقت الإهمال و الإنتقاص و عدم الرعاية و التمويل ثم هاجر لبعض الدول الغربية حيث تعطى للبحث العلمي أهميته و قدم نفس تلك الأبحاث التي قدمها و رفضت في بلاده فلاقت ترحيبا و تمويلا و دعما و نجحت !
فإذا كانت الدول العربية لا تنتج أبسط تجهيزات المخابر و مراكز البحث العلمي بل قد لا يمكنها أحيانا إنتاج أنابيب إختبار أو مجهر إلكتروني أو ما شابه ذلك فكيف لها أن تنجح و تقدم نتائج تذكر على الساحة الدولية في مجال البحث العلمي الذي أصبح يعتمد اليوم على الذكاء الإصطناعي و التكنولوجيا الحيوية الدقيقة و على تقنيات شديدة التعقيد ؟!
عموما، لا شك أن الدول العربية اليوم تنتظر من دول العالم المتقدم الوصول إلى إيجاد لقاح ضد فايروس كورونا Coronavirus و تتمنى لها النجاح في ذلك، و أنها لم تغنها اليوم تلك النفقات التي أنفقتها في مجالات كمالية و غير ضرورية على حساب إنفاقها على البحث العلمي فعجز الجميع اليوم عن نفع بلاده و أمته في حين تحاول على الأقل الدول الغربية إيجاد لقاح لهذا الوباء، و هو ما يدفعنا إلى إعادة ترتيب أولوياتنا و هيكلة إنفاقنا و التركيز على التطوير و البحث العلمي الذي بإمكانه صنع نهضة عربية حقيقية !
نرى اليوم تعاونا عالميّا و جهودا أممية تبذل من أجل الوصول إلى لقاح فعال ضد هذا الوباء الفتّاك، فالكثير من الدول الأوروبية في طريقها فعلا لإيجاد لقاح يمكنه هزيمة فايروس كورونا حيث نجد شركة "كيورفاك" CureVac الألمانية مثلا قد أحرزت تقدما باهرا على هذا الصعيد
فيما طوّرت شركة التكنولوجيا الحيوية الأمريكية Moderna هي الأخرى لقاحا يمكن التعويل عليه و هو يخضع حاليا للتجارب
و مع المحاولات المتعددة في العالم و المجهودات المتقدمة في طريق الحصول على لقاح لفايروس COVID-19 يبقى العالم (و منه الدول العربية) مترقبا و راجيا أن تنجح إحداها في الوصول إلى اللقاح المنقذ و الذي لن تعتمد منظمة الصحة العالمية WHO طبعا إلا بعد إعتماده من قبل وكالة الأدوية الأوروبية و إدارة الغذاء و الدواء الأمريكية
الأسباب الرئيسية للغياب العربي عن السباق العالمي لإيجاد لقاح كورونا
لا تستوجب ملاحظة الغياب الفادح و القطعي عن أي مركز بحث أو معهد علمي عربي عن هذا السباق العالمي جهدا كبيرا، و لكن الجهد الحقيقي الذي يجب أن يبذل يكمن في البحث و التنقيب عن الأسباب الرئيسية و الأساسية وراء هذا الغياب رغم توفر الكفاءات العلمية العربية و إرتفاع نسب خريجي الجامعات و المتخصصين في المجالات الطبية و البيولوجيا الحيوية ذلك أن فهم الأسباب و رصدها قد يصب في مصلحة معالجتها و تلافي الاخطاء التي يمكن تلافيها ربما لتوجيه البحث العلمي العربي نحو العالمية !فيما يلي أهم الأسباب التي تم رصدها و التي ساهمت في غياب الحضور العربي على ساحة البحث العلمي :
• الأولوية السياسية في الدول العربية
لا شك أن إيلاء الإهتمام بمجال دون آخر في دولة ما إنما يكون ضمن الإستراتيجية الحكومية و السياسة العامة لتلك البلاد، لذلك من المعلوم أن أولويات الدول العربية في غالبها إما أمنية أو سياسية أو عسكرية مقابل غياب لدعم حقيقي للجانب العلميلذلك نجد الإهتمام السياسي للدول العربية الكبرى مركزا مثلا على التسليح و على فرض أجندات سياسية مهما كان توجهها و مهما كانت مرجعيتها و إهتماما بالجانب الكمالي و بالمجالات غير الصلبة مثل السياحة و الأنشطة المالية و البنكية و غيرها
• غياب التمويل الجدي للمعاهد و المراكز البحثية
فإذا قارننا مثلا الإنفاق العربي على التسليح (بغض النظر عن الدول العربية ذات الناتج الإجمالي الخام الضعيف) سنجد أن دولا عربية كبرى تحتل مرتب هامة دوليا في حجم الإنفاق في حين أن إنفاقها على البحث العلمي (و إن كان يشهد تفاوتا بين الدول العربية) إلا أنه يبقى دون المطلوب و دون ذي جدوى و غياب ثمراته و نتائجه في مثل هذه الظروف أكبر دليلفإذا وجد الباحث أو الدكتور أو الاستاذ الجامعي (البروفيسور) عدم إهتمام بل إهمالا حكوميا في بعض الحالات للمراكز و المعاهد البحثية مما يجعله غير قادر حتى على الحصول على دخل أو راتب شهري محترم فكيف يمكن ان يقدم جهدا أو بحثا ذا قيمة ؟
• هجرة الأدمغة، ما يعني ضعف البحث العلمي المحلي
و هي نتيجة حتمية للسبب الذي سبق فيما يخص ضعف التمويل، حيث أن الدكتور أو الباحث الذي يلقى إهمالا في بلاده و ضعف تمويل لأبحاثه بل و إنعدامه أحيانا ثم يجد كل ظروف البحث و العمل في الدول الغربية ميسرة و ملائمة فمن المنطقي جدا أن يهاجر لتلك الدول تاركا بلاده العربية لمن لا يستطيع الهجرة !بل إن من الباحثين من قدم أبحاثا و دراسات في بلاده (العربية) حيث لاقت الإهمال و الإنتقاص و عدم الرعاية و التمويل ثم هاجر لبعض الدول الغربية حيث تعطى للبحث العلمي أهميته و قدم نفس تلك الأبحاث التي قدمها و رفضت في بلاده فلاقت ترحيبا و تمويلا و دعما و نجحت !
فعلينا ألا ننسى أن العالم العربي يُساهم في ثُلث هجرة الكفاءات من البلدان النامية، و أن 50% من الأطباء و 23% من المهندسين و 15% من مجموع الكفاءات العربية المُتخرجة يُهاجرون مُتوجهين إلى أوروبا و الولايات المتحدة و كندا
بل أن تقارير قد ذكرت بأن 54% من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج (مبتعثين) لا يعودون إلى بلدانهم، في حين يشكل الأطباء العرب في بريطانيا وحدها 34% من مجموع الأطباء فيها !
• التبعية التكنولوجية
لا شك أن البحث العلمي اليوم يعتمد بشكل كبير على التقنيات الدقيقة و على الآلات و التجهيزات المخصصة لمجال البحث العلمي و التي ما تكون عادة مستوردة و غالية الثمن فيصعب بذلك إقتناؤها و تجهيز مراكز و معاهد البحث بها ما يجعل هذه الأخيرة غير مؤهلة فعليا للبحث العلميفإذا كانت الدول العربية لا تنتج أبسط تجهيزات المخابر و مراكز البحث العلمي بل قد لا يمكنها أحيانا إنتاج أنابيب إختبار أو مجهر إلكتروني أو ما شابه ذلك فكيف لها أن تنجح و تقدم نتائج تذكر على الساحة الدولية في مجال البحث العلمي الذي أصبح يعتمد اليوم على الذكاء الإصطناعي و التكنولوجيا الحيوية الدقيقة و على تقنيات شديدة التعقيد ؟!
عموما، لا شك أن الدول العربية اليوم تنتظر من دول العالم المتقدم الوصول إلى إيجاد لقاح ضد فايروس كورونا Coronavirus و تتمنى لها النجاح في ذلك، و أنها لم تغنها اليوم تلك النفقات التي أنفقتها في مجالات كمالية و غير ضرورية على حساب إنفاقها على البحث العلمي فعجز الجميع اليوم عن نفع بلاده و أمته في حين تحاول على الأقل الدول الغربية إيجاد لقاح لهذا الوباء، و هو ما يدفعنا إلى إعادة ترتيب أولوياتنا و هيكلة إنفاقنا و التركيز على التطوير و البحث العلمي الذي بإمكانه صنع نهضة عربية حقيقية !